التاريخ يعيد نفسه

[center][font:e1e8=Arial][b][size=12][size=12][font:e1e8=Traditional Arabic][size=18][b][font:e1e8=Traditional Arabic]طالت مأساة غزة ومأساة الأمة الإسلامية ... وامتد أمد الظلم والتجبر ... واستفحلت مظاهر العلمانية والإلحاد حتى عمت أرجاء العالم الإسلامي .. ومافتأت دول الكفر تتحكم ببلاد المسلمين .. وما انفك دعاة الضلال المتأسلمين يبثون سمومهم في أبناء الأمة وشبابها الأغرار .. ومازالت دعاوى الديمقراطية وحقوق الإنسان المصطنعة هي الحكم على عدالة زيد وتطرف عمرو .. وعجلة الزمن تدور وسجلات التاريخ لا تكل من تسجيل المواقف هنا وهناك .. فمن ساقط في دركات الخيانة الى مترفع الى علياء الشرف والعزة ..

في هذا الموضوع عرض بسيط ومقارنة متواضعة أبغي منها بيان مدى التغير الذي حصل للأمة على مدى فترتين متقاربتين بالنسبة لأمد التاريخ الطويل .
نرجع بالزمن قليلا لنرسوا في ميناء القرن الخامس الهجري ... الى عهد ما يسمى بدويلات الطوائف بالأندلس وسبب اختياري لهذا العهد لأني وجدته شبيها - مع الاختلاف الواضح - نوعا ما بحال الأمة اليوم .. من حيث الانقسام السياسي والجغرافي ...

[color:e1e8=red][b]الأندلس قبل دويلات الطوائف[/color]

اكتمل فتح الأندلس على يدي موسى بن نصير وطارق بن زياد في عام 95 هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي وقد مرت بعدها الأندلس بعهود اكتنغتها ثورات وانقلابات وخيانات وهزائم وانتصارات .. وكانت الأحداث تتأرجح بين الاضطراب والاستقرار .. لكن مسار الأندلس كدولة اسلامية كان مستقرا يمشي بخطوات حثيثة .. وبعد قيام دولة بني أمية واعلان الخلافة في الأندلس .. استقرت أوضاعها وأخذت تصعد الى أعالي درجات التحضر والمدنية .. فازدهرت فيها التجارة والزراعة والأدب والعلوم حتى صارت العاصمة قرطبة أيامها مهوى الأفئدة وشعلة الحضارة وزهرة العالم .. واستمرت الأندلس على هذا الحال .. متوحدة .. وأطفئت الثورات وعم الاستقرار حتى جاءت بداية القرن الخامس الهجري .. وتحديدا " في سنة 400هـ حيث تمزقت الأندلس وقامت كل عائلة بارزة بإعلان الإستقلال في مدينة من المدن وما يحيط بها .. فتمزقت الأندلس إلى (22) دويلة مستغلين ضعف الأمويين وصراعهم حينها ، وبدأت فترة حالكة في تاريخ الأندلس" <1>

وفي عام 422هـ " أعلن العلماء وذوو الرأي من المسلمين سقوط الخلافة الأموية ." ..... واستغل النصارى هذا التمزق – وهل فرصة أثمن من هذه – فاستردوا ثلث الأندلس في الشمال ، " هذا ما حصل .. عندما انقسمت الأندلس نتيجة المطامع الفردية وشهوة التغلب و حب الرئاسة إستأسد علينا من كان ذليلا في عصر قوتنا ووحدتنا .. وسنة التاريخ لا تتغير .
" ونحن اليوم أمة ممزقة لم تصل إلى ما يشبه تمزق الأندلس .. ولن نيأس قط لقوله تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) " ووعد الله لا بد محقق ولو بعد حين ولو كره الكافرون . واستمر الحال في تمزق واقتتال وتفرد بالملك .. حتى انتقلت الأحداث إلى منعطف خطير في مسار الدولة الإسلامية في الاندلس ألا وهو : ( دفع الجزية للنصارى ) !!! سبحان الله وهذه سنة الله ثابتة .. وهذا التاريخ يصيح في وجه المتخاذلين المنقسمين أصحاب الشهوات ومحبي الرياسة : لأنكم أبيتم إلا عبادة شهواتكم فاهنئوا بالذل كما حصل مع من سبقكم .

[color:e1e8=red]نموذج للعالم المؤمن :[/color]

أبو الوليد الباجي .. فقيه كبير معروف وعالم جليل ولد في بطليوس سنة 403هـ وكان نموذجا للعلماء المكافحين في سبيل وحدة الإسلام .. أبى هذا العالم أن يقعد ليدرس العلوم الاسلامية وهو يطالع ما بالأمة من خنوع وتهاون وتفكك .. فآثر التطواف والسفر في أنحاء الأندلس - وما أكبرها – ليدعو أمراءها إلى الوحدة تحت راية الاسلام وحده . وقد دامت رحلته ثلاثين سنة يدعو فيها إلى التوحد والتكاتف في وجه الزحف النصراني على الأندلس .. ولم يترك قرية أو مدينة .. بل عمت دعوته الأمراء وعامة الناس .. يدعوهم الى التجمع تحت لواء العقيدة الاسلامية .. وإلا ستضيع الأموال وتنتهك الأعراض وتضيع البلاد ...
وللأسف .. ففي عصرنا لا نجد أمثال هذا العالم الجليل إلا قليلا .. ومعظمهم إما مودع في السجون أو محجور على دعوته أو ممنوع من الكلام .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
والكثرة الكاثرة من علماء الأمة آثرت السكوت وحفظ ماء الوجه ونحت نحو الواقع الفاسد واتبعت الناس في سكوتهم وهي من ينبغي للناس أن يتبعوها ... حتى فجعت أنظارنا بعالم يصافح سفاحا يهوديا بمؤتمر حوار الأديان المتواطئ وسمعنا قبله بمن أباح لبس الصليب من العلماء اعتذارا عن شنائع وليه .. وسمعنا من حرم العمليات الاستشهادية وعدها انتحارا .. وسمعنا من أصدر فتوى برحيل أهل فلسطين عن بلادهم لأنها يحكمها اليهود .. وعدّد مثل ذلك وأكثر !!!!

[color:e1e8=red]ترحيب سياسي زائف[/color]

رحب الأمراء بهذا العالم الجليل في جميع أسفاره واحتفوا به وأظهر الجميع سرورهم بدعوته والسعي لتلبية ندائه ... لكن ... كلام في كلام فلم تترجم مقولاتهم ومعاهداتهم إلى أعمال ولم ترق لدرجتها ... وهذا واقع وصحيح ينطبق على حكامنا فهم ظاهرة صوتية ، لا يملكون إلا أن يتكاموا ويكتبوا الخطابات ويرسلوا رسائل الشجب والاستنكار يمينا وشمالا ولا فعل .
[/font][/b][color:e1e8=red]
[b][font:e1e8=Traditional Arabic]صراع الدويلات [/font][/b][/color]

[b][font:e1e8=Traditional Arabic]" لم يكتف هؤلاء الحكام المتفرقون باستقلال دويلاتهم ، بل أشعلوا نيران القتال والمنازعات بينهم ، مما زاد الأمر سوءا ومهد الأمر لأعداء الأمة مستغلين تمزقها وضعفها " وهذا ما حصل فعلا فقد حاصر النصارة مدينة بازو فدافع أهلها عن المدينة دفاعا باسلا ، وطلبوا الاستعانة بالمسلمين من بقية المناطق .. فما قام أحد بتلبية استغاثة هؤلاء "
وما يحصل في غزة هذه الأيام والموقف العربي الرسمي المتواطئ والمتخاذل أشبه بما حصل يومها.

[color:e1e8=red]إعلام مهزوم :[/color]

قال أحد الشعراء المهزومين ويدعى ابن العسال عندما سقطت طليطلة في يد النصارى :
حثوا رواحلكم يا أهل أندلس ..................... فما المقام بها إلا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأرى ................... سلك الجزيرة منثورا من الوسط
من جاور الشرك لا يأمن عواقبه ............... كيف الحياة مع الحيّات في سفط
وليته قال :
فؤادي يحس وقلبي معي ............. وروحي تثور وعقلي يعي
وفي عزمتي عناد الجهاد ........... أراه يقينا ولا أدعي

[color:e1e8=red]الحل :: دولة الاسلام وأمة الجهاد:[/color]

وفي غضون هذه المآسي والآلام التي حصلت نتيجة انقسام الأندلس .. كانت قد ظهرت دولة في المغرب تسمى دولة المرابطين ومان إمامها يوسف بن تاشفين .. الإمام المجاهد الرباني .. وكانت مميزات هذه الدولة .. أنها نذرت نفسها للجهاد في سبيل الله .. لم تشتغل بمتاع الدنيا بل جعلت الدنيا في يدها لا في قلبها .. قامت في لمتونة وبنيت على أساس الاسلام وأحكامه حتى علا شأنها وارتفع صيتها في المغرب.
وكان ألفونسو قد تولى الحكم في بلاد النصارى القاطنة في شمال الأندلس.. وكان قد توعد أمراء الطوائف وهددهم بأن يزيل دولهم ويقيم دولة النصارى في بلادهم ... فلما أحس أمراء الطوائف بمقدار الخطر المحيق بهم .. أرسلو ألى يوسف بن تاشفين يطلبون منه مساعدتهم في دحر النصارى عن بلادهم ... كل هذا لا خوفا على الاسلام وإنما خوفا على ملكهم ومناصبهم قما أبئس المبتغى وما أحط المرام !!! ولبى الامام المجاهد دعوة المسلمين وعبر الى الأندلس ودحر جيوش ألفونسو في معركة معروفة في التاريخ تسمى "الزلاقة" وانتصر جند الاسلام على جند الكفر ... واستتب الأمر للمسلمين .. وآثر القائد العظيم العودة الى المغرب بعد الانتصار الكاسح .. فليس مبتغاه دنيا أو غنيمة كما هو مبتغى أراذل الناس .. وإنما حفظ بيضة الاسلام وجهاد الكفار فما أعزه من مبتغى وما أعظمه من مطمح .

[color:e1e8=red]نهاية عبّاد الملك والمناصب :[/color]

المعتمد بن عباد كان أحد أمراء الطوائف في الأندلس .. وكان يحكم مدينة اشبيلية وكان له من العز والمال ما تحير فيه العقول .. وكان لايرد لامرأته طلبا .. وحدث أن زوجته مرة رأت بدويات يخضن في الطين .. فاشتهت أن تفعل مثلهن فطلبت الى زوجا المعتمد ذلك .. فما كان من المعتمد إلا أن أمر بالعنبر والمسك والكافور فخلط بماء الورد ليكون في هيئة الطين وطلب لزوجته وبناته أن يخضن فيها ... سبحان الله .. كل هذا المال والجاه فماذا حصل له :؟؟؟
قضى آخر أيامه منفي فقيرا محروما حتى إذا مرت عليه زوجته وبناته والفقر في وجوههن بكى تلك الأيام التي كان فيها عزيزا غنيا وقال :
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا .................. فردك الدهر منهيا ومأمورا
من بات بعدك في ملك يسر به ................. فإنما بات بالأحلام مغرورا

[color:e1e8=red]الحل الجذري :[/color]

بعد الهزيمة الساحقة للنصارى في الزلاقة .. عادت الإنقسامات والخلافات على الملك بين أمراء الطوائف .. وهذه سنة الله في المتخاذلين .. فانتفض علماء الشرق ليوجدوا حلا لما يدور في الأندلس فماذا حصل ::؟ وما الفتوى؟؟؟؟
[/font][/b][color:e1e8=red]
[b][font:e1e8=Traditional Arabic]علماء الشرق يفتون بعزل أمراء الأندلس!![/font][/b][/color]

[b][font:e1e8=Traditional Arabic]اجتمع عالمان جليلان من أعظم علماء المسلمين : هم "أبو حامد الغزالي " ، و " أبو بكر الطرطوشي" مع أجلة من علماء المسلمين .
أصدروا فتوى يأمرون بخلع ملوك الطوائف وتوحيد الأندلس ففي بقائهم خطر ماثل على المسلمين وأرض الاإسلام ، جاءت الفتوى من الشام ، وأرسلت الفتوى الى ابن تاشفين في المغرب

فحوى نص الفتوى : أن يوسف ابن تاشفين على حق في إظهار شعار الإمامة للخليفة المستظهر العباسي وأن هذا هو الواجب على كل ملك استولى على قطر من أقطار المسلمين ، وإذا نادى الملك المشمول بشعار الخلافة العباسية وجبت طاعته على كل الرعايا والرؤساء ومخالفته مخالفة للإمام ، وكل من تمرد واستعصى فحكمه حكم الباغي ، ومن حق الأمير أن يرده بالسيف ، وأن يقاتل الفءة المتمردة على طاعته ، (لا سيما وقد استنجدوا بالنصارى وهم أعداء الله في مقاتلة المسلمين وهم أولياء الله)
وبهذه الفتوى انتهى عهد الطوائف وهذا ما ينبغي أن يكون .. وعادت الأندلس دولة تابعة لإمام واحد تحت ظل المرابطين ودحرت جيوش الصليبيين فيما تلا من أحداث بعدها .

هذه لمحة تاريخية شبيهة بل مطابقة للواقع الذي تعيشه أمة الاسلام منقسمة الى دويلات أرسى المستعمر أركانها .. وعاونها طيلة 90 سنة وحتى يومنا ... ويكفي هذا العرض التاريخي ليفهم العاقل ما هو السبب في ذل المسلمين اليوم .. وما هو الحل لعودتهم إلى عزهم .. وتكفي فتوى كبار العلماء التي ذكرت آنفا لتحدد رأي الشرع في وجوب عزل الحكام اليوم ... سيما ونحن نعلم أنهم أسوأ من ملوك الطوائف وقتها ..
وهذه الواقعة تثبت ضرورة التوحد تحت راية الخلافة الاسلامية ... وتبطل كل دعوى للتمرد على سلطة الشريعة الاسلامية .. وتنزع الشرعية عن جميع حكام المسلمين وتنادينا لعزلهم واستبدال أنظمتهم بخلافة راشدة على منهاج النبوة

وإن في التاريخ لعبرة
[/font][/b][/size][/font][/b]ملحوظة : هناك نصوص اقتبستها من كتاب د. طارق السويدان " تاريخ الأندلس المصور " [/size][/size][/font][/b][/center]

[i][b][u][color:6519=red] مشكوووووووووور[/color][/u][/b][/i][img(716px,394px)]http://www3.0zz0.com/2009/04/08/22/489071857.jpg[/img]